توسيد الأمر إلى غير أهله
العلامة السادسة عشرة : توسيد الأمر إلى غير أهله i
/ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : } إِذَا ضُيِّعَتِ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : إِذَا أُسْنِدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ .
وفي رواية : } إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ
شرح الحديث :
المعلوم أن الوسادة تعطى للإنسان لكي يتكئ عليها ، والأصل أن تتناسب مع طبيعة الاتكاء ، وهذا الدين جُعل له وسادة من أهله شعارهم » إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ « إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ
لذا من تحمل أمر هذا الدين في بداية الرسالة - سواء فيما يتعلق بالخلافة أو الأمارة أو ما هو دون ذلك – كانوا أتقى الناس وأورعهم و أعدلهم ، وأكثرهم استعداداً لحمل أعباء الرسالة ، وأوسعهم علماً في شؤون الدنيا والآخرة ، وأقلهم تكلفاً في ما يخص الحياة ومتطلباتها ، وفوق ذلك كله كانوا أكثر الناس زهداً في الدنيا ، وأشدهم نفوراً من حبائلها .
فهؤلاء هم حملة الأمانة الأوائل ؛ لذا سعدت بهم الأمانة وازدانت ، ووجدت بهم متكئاً رحباً يتسع لحملها على الوجه المطلوب .
أما إذا أصبح حملة الأمانة وقادة الأمة ، ورعاة الأمر على نقيض ما ذكرت ، فعندها
تقع الطامة ، وتتغير الموازين ، وتضيع الأمانة ، وتغيب معالم الرسالة ، ويدنو الهلاك ، عندها انتظر الساعة .
ولكي يتضح الأمر في المراد بتوسيد الأمر إلى غير أهله ، بحيث يقدم الخونة والفسقة و بغاث القوم على أهل العدالة وحملة الرسالة من أمناء الأمة وربانييها أسوق هنا بعض الأحاديث الدالة على بعض تلك المظاهر :
عندما يُؤْكَل الأمر لغير أهله .. ؟! ..
ينقلب الحق باطلاً ،
والباطل حقاً ،
ويعم الظلمُ في الأرجاء،
ويصبح الحق ضائعاً،
عندما يُؤْكَل الأمر إلى غير أهله .. ؟! ..
تنقلب كل الموازين ،
يصبح الجلاد أشد سطوة في الباطل؛
والقاضي يقف متفرجاً ..،
عندما يُؤْكَل الأمر إلى غير أهله .. ؟! ..
يقدم سوء الظن ،
ويغيب الفهم ،
وتتحجر العقول ،
عندما يُؤْكَل الأمر إلى غير أهله .. ؟! ..
يستقوي المنافقين ،
ويغتر بهم ضعيف الهمة وصغير العقل
عندما يُؤْكَل الأمر إلى غير أهله .. ؟! ..
فلا تستغرب أن يسلب حقك باسم المجاملة ،
لا تستغرب إن تم تخوينك والطعن في نيتك ؛
عندما يُؤْكَل الأمر إلى غير أهله .. ؟! ..
فاخفضوا رؤوسكم لهذه الجوقة الفاسدة
وأبكوا على حالكم وحال من ولي أمركم
عندما يُؤْكَل الأمر إلى غير أهله .. ؟! ..
فأنت صغير ..
وأنت حقير ..
وأنت ذليل ..
والمصيبة أنك لا تستطيع أن تدافع
عن نفسك
والسبب..
هو أن الأمر مؤْكَل إلى غير أهله .. ؟! ..
أَمَرَ صلى الله عليه وسلم بأن يُؤْكَل كُلُّ أمر إلى من هو أهله، وقال:
“إذا وُسِّدَ الأمرُ إلى غير أهله فانْتَظِرِ الساعةَ”.
(صحيح البخاري، كتاب العلم، الباب الثاني، رقم الحديث 59).