كان رسول الله - صلى الله عليه وسلّم عند اشتداد الحر يقول: " إذا كان يومٌ حار ألقى الله تعالى سمعه وبصره إلى أهل السماء وأهل الأرض، فإذا قال العبد: لا إله إلا الله، ما أشد حر هذا اليوم، اللهم أجرني من حر جهنم، قال الله عز وجل لجهنم: إن عبدًا من عبادي استجارني منك، وإني أشهدك أني قد أجرته".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم".
أبواب النار مغلقة وتفتح أحيانا فتفتح أبوابها كلها عند الظهيرة ولذلك يشتد الحر حينئذ فيكون في ذلك تذكرة بنار جهنم.
وأما الأجسام المشاهدة في الدنيا المذكرة بالنار فكثيرة منها الشمس عند اشتداد حرها وقد روي أنها خلقت من النار وتعود إليها
ومما يؤمر بالصبر فيه على حر الشمس النفير للجهاد في الصيف كما قال تعالى عن المنافقين: {وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} [التوبة: 81] وكذلك في المشي إلى المساجد للجمع والجماعات وشهود الجنائز ونحوها من الطاعات والجلوس في الشمس لانتظار ذلك حيث لا يوجد ظل.
خرج رجل من السلف إلى الجمعة فوجد الناس قد سبقوه إلى الظل فقعد في الشمس فناداه رجل من الظل أن يدخل إليه فأبى أن يتخطى الناس لذلك ثم تلا: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: 17]
كان بعضهم إذا رجع من الجمعة في حر الظهيرة يذكر انصراف الناس من موقف الحساب إلى الجنة أو النار فإن الساعة تقوم في يوم الجمعة ولا ينتصف ذلك النهار حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار قاله ابن مسعود وتلا قوله: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} [الفرقان:24]
وينبغي لمن كان في حر الشمس أن يتذكر حرها في الموقف فإن الشمس تدنو من رؤوس العباد يوم القيامة ويزاد في حرها وينبغي لمن لا يصبر على حر الشمس في الدنيا أن يجتنب من الأعمال ما يستوجب صاحبه به دخول النار فإنه لا قوة لأحد عليها ولا صبر قال قتادة: وقد ذكر شراب أهل جهنم وهو ماء يسيل من صديدهم من الجلد واللحم فقال: هل لكم بهذا يدان أم لكم عليه صبر طاعة الله أهون عليكم يا قوم فأطيعوا الله ورسوله.
ومما يضاعف ثوابه في شدة الحر من الطاعات: الصيام لما فيه من ظمأ الهواجر ولهذا كان معاذ بن جبل يتأسف عند موته على ما يفوته من ظمأ الهواجر وكذلك غيره من السلف وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان يصوم في الصيف ويفطر في الشتاء ووصى عمر رضي الله عنه عند موته ابنه عبد الله فقال له: عليك بخصال الإيمان وسمى أولها: الصوم في شدة الحر في الصيف قال القاسم بن محمد: كانت عائشة رضي الله عنها تصوم في الحر الشديد قيل له: ما حملها على ذلك؟ قال: كانت تبادر الموت.