آليات المطالبة بالحقوق مداخلة ألقيت بالمركز الثقافي الإسلامي أدرار
22/02/2011
من إعداد : أبي شرف الدين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد له رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين
إن جميع الأديان السماوية والمذاهب الوضعية تؤكد على أهمية الحقوق والواجبات الاجتماعية وضرورة رعايتها من قبل الطرفين من أجل إرساء دعائم الحياة المشتركة بينهما في جو مفعم بالسلام .
تعريفها لغةً: الحقوق جمع حق، والحقّ في اللّغة خلاف الباطل، وهو مصدر حقّ الشّيء يحقّ إذا ثبت ووجب.
ومن معاني الحقّ في اللّغة:الثابت والنّصيب، والواجب، واليقين، وأشهرها الثبوت والوجوب.
فالحقوق هي الأشياء الثابتة على الإنسان للآخرين، أو على الآخرين للإنسان، فالحقوق واجبات، والواجبات حقوق
مصادرها:
مصدر الحقوق هو الله تعالى فهو الذي شرع هذه الحقوق للإنسان وأعلمه بما له من حقوق، وما عليه من واجبات عن طريق الشرائع السماوية
إن بحث مسألة حقوق فرد ما يعني بحث مسألة واجبات الفرد المقابل ، فعندما نطرح مثلاً مسألة حقوق الطفل على الوالدين فهذا يعني أننا نبحث مسألة واجبات الوالدين تجاه الطفل .
وإذن فهناك معادلة بين الحق والواجب فلكل فرد حق معين ، وعلى كل فرد واجب محدد وأي إخلال بهذه المعادلة يعني بروز قضية العقاب والجزاء لإقرار المعادلة بشكل متوازن .
مواقف الناس تجاه حقوقهم على أصنافٍ ثلاثة:
الصنف الأول: الساكتون عن حقوقهم،الذين يفوضون أمرهم إلى الله تعالى ويدعونه للأخذ بحقهم،
يتألمون ويتذمرون لسلب حقوقهم ويكتفون بهذا القدر ويرفعون الراية البيضاء أمام حقوقهم المسلوبة صغيرةً كانت أم كبيرة.
الصنف الثاني: الانفعاليون في المطالبة بحقوقهم، الذين يتصرفون بغضب وانفعال وباستخدام مختلف الوسائل والأساليب المتاحة لديهم في حالةٍ من الانفعال للوصول إلى حقهم.
وقد يصل هؤلاء إلى حقوقهم في بعض الأحيان، ولكن في الغالب لا يصلون إلى حقوقهم عبر هذا الأسلوب.
الصنف الثالث: المتعقلون في المطالبة بحقوقهم،الذين يستخدمون عقولهم ويفكرون في الكيفية الممكنة للوصول إلى الحق، ولا يسمحون لحالة الانفعال أن تغلب عليهم، وإنما مرجعهم الأساس هو ما يمليه عليهم الشرع والعقل والقانون .
يقول الإمام علي كرم الله وجهه: »لنا حق فإن أعطيناه وإلا ركبنا أعجاز الإبل وإن طال السُرى . «
وأعجاز الإبل: تعني ركوب الدابة كرديف.
معنى هذه الكلمة: إن لم نُعط حقّنا فإننا لا نسكت عنه، وإنما نسعى من أجله ولو بأقل الإمكانات،
من المؤسف أن هناك بعض الناس لا يجدون أمامهم إلا أحد خيارين: إما السكوت أو الانفعال. وفي بعض الأحيان ينقلب الحق فبدل أن يكون الحق لجهةٍ معينة يكون عليها، و ذلك بسبب استخدام الانفعال تجاه المطالبة بالحقوق.
نحن في أمس الحاجةٍ إلى التعقل في مواجهة مشاكلنا وقضايانا على مستوى العلاقات الاجتماعية الفردية وعلى مستوى الاجتماع السياسي.
كيف تطالب بحقوقك ؟؟
ينبغي أن لا يكون هناك تنازلٌ من أي إنسانٍ عن حقه كفردٍ أو كمجتمع، ولكن لابد أن يكون هناك خطط متعقلة، وإستراتيجية واعية، ومن ملامح ذلك:
أولاً- معرفة الحق المراد الوصول إليه.
لابد أن تعرف ما هي حقوقك التي يجب أن تأخذها ، وهذا أمرٌ في غاية الأهميةللوصول إلى الحق،
ولكن المشكلة أن كثيراً من الناس لا يعرفون ماذا يريدون وما هي حقوقهم يقول أحدهم أنا مظلوم ، أنا مغتصب حقي ، مهدور كرامتي .. إلى غير ذلك . تسأله ما هو حقك ؟ يقف باهتا ولا يدري ما ذا يقول
فأول أمر يجب أن تعرف ماذا تريد أن تطالب به وما هو الحق الذي تراه مضيعا .
ثانياً- وضع الخطط المناسبة للوصول إلى الحق.
ينبغي للإنسان كفرد أو كمجتمع أن يتحلى بالتعقل في المطالبة بالحق، وأن يكون له نفسٌ طويلٌ حتى يصل إلى حقه،لأن الحقوق لا تنال دائماً بالصِّدام والعراك والانفعال وإنما تنال بالتعقل
ثالثا : عدم اليأس في مطالبة الحقوق والاستعجال في النتائج . فكثير من الناس يعتقد أن الحق يجب أن يحصل عليه في طبق من فضة أو ذهب لأنه صاحب الحق والحق لابد أن يعطى لصاحبه .
رابعا: استقطاب أكبر قدر ممكن من الرأي العام
. ذلك لأن إقناع الرأي العام الداخلي إذا كان الحق فردياً، أو الرأي العالمي إذا كان الحق عاماً يُساهم بشكلٍ كبيرٍ في إيصال صاحب الحق إلى حقه.
هناك رواية تنقل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلاً كان متضرراً من جاره وبعد محاولاتٍ عدة من أجل إصلاحه شكاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشارعليه الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يُخرج أثاث منزله إلى خارج المنزل،
وبالفعل قام الرجل بنصيحة الرسول صلى الله عليه وسلم وأخرج أثاث منزله خارجاً وكل من سأله أخبره بعدم استقراره في المنزل بسببإيذاء جاره، وبعد ساعة رأى الجار أن سمعته تشوّهت أمام الرأي العام، فجاءإلى الرجل وقال له: أدخل أثاث منزلك وأنا مستعدٌ لحل المشكلة التي بيننا،وبالفعل تجاوزا المشكلة.
خامسا : لابد أن تنوع في طريقة المطالبة بالحق فلا تجمد على أسلوب واحد وكيفية معينة
ابتكر في مطالبة حقك بما هو متاح لك من وسائل . فمن الشكوى الخاصة، والعامة ، عبر وسائل الإعلام ، ورفع الشكوات للجهات التي تعتني بشكوتك فانها ستنفع اليوم أو بعد غدا . ولتعلم أن أهم أمر هو أن تسجل موقفا يثبت لك انك حي وليس بإنسان خامل في الحياة لا قيمة لك ولا وجود
سادسا : إن اقتضى الأمر أن نتنازل عن بعض الحقوق من أجل الحصول على أهمها فلا بأس بذلك فما لا يدرك جله لا يترك كله
سابعا اعتماد أسلوب الحوار
فالحوار هو من أنجح الأساليب والوسائل في الحصول على الحق
وأن تعتمد في حوارك على الأمور التالية :
1ـ تعريف الآخر بأن هذا هو حق لك فقد يكون جاهلا بأن هذا حق لك
2ـ اعتماد أسلوب اللين والرفق فما كان الرفق في شيء إلا زانه
3ـ التدرج في المطالبة بالحقوق وينبغي ترتيبها على حسب أولويتها وأهميتها
4 ـ في بدء الحوار يحسن بك أن تذكر نقاط الاتفاق فذكر الحسنات والإيجابيات والفضائل مما يرقق القلوب ويسد منافذ الشيطان قال تعالى : ولا تنسوا الفضل بينكم فإذا قال أحد الطرفين أنا لا أنسى فضلك في كذا وكذا وقد أحسنت لي كثيرا قبل ما وقع منك مؤخرا
فإن من شأن هذا الأسلوب أن يجعل صاحبك يراجع نفسه
أكتفي بهذا والله الموفق وهو يهدي السبيل
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع: آليات المطالبة بالحقوق 
الثلاثاء 19 فبراير 2013, 23:05
