لقد شهدت العقود الثلاثة الأخيرة بشكل خاص تنامي ظاهرة العنف في مؤسساتنا التربوية، بجميع أطوارها من الإبتدائي إلى الجامعي. لدرجة أصبحت تشكل تهديدا حقيقيا للنسيج الإجتماعي والتربوي، وأصبحت منظومتنا التربوية محل إهتمام كل الأطراف الفاعلة في المجتمع. حيث عملت الجزائر على تسخير موارد مادية وبشرية تملك من المؤهلات العلمية والخبرة ما يمكنها من التعامل البناء مع هذه المشاكل بما يعود بالنفع على جميع الفاعلين في المدرسة . ومن هنا جاءت إشكالية دراستنا هذه لتسلط الضوء على الدور الذي يقوم به مستشار التربية كأحد الفاعلين التربويين في المدرسة وذلك من خلال سعيه في الحد من ظاهرة العنف. إنطلاقا من التساؤل التالي : ماهو دور مستشار التربية في سعيه للحد من ظاهرة العنف داخل المدرسة؟ والذي حاولنا الإجابة عليه من خلال الفرضيات التالية: يساهم مستشار التربية في المتابعة اليومية للتلاميذ. يساهم مستشار التربية في رصد أسباب ومظاهر السلوكيات العدوانية لدى التلاميذ. يساهم مستشار التربية في دعم الحوار الإيجابي مع التلاميذ. وقد احتوت الدراسة على جانبين نظري وميداني؛ فالجانب النظري تناول الإطار المفهومي للدراسة وتضمن إشكالية الدراسة،هدفها، أهميتها،أسباب إختيار الموضوع ،تحديد المفاهيم المتعلقة بالدراسة، فرضيات الدراسة الدراسات السابقة والمشابهة وأهم الصعوبات التي واجهتنا طيلة فترة الدراسة.كما تناولنا في الفصل الثاني العنف المدرسي من منظور سوسيولوجي من خلال التعرف على الخلفية المعرفية للعنف،مفهومه المصطلحات المتعلقة به كذلك أنواعه، مظاهره وأهم أسبابه، النظريات المفسرة له. بالإضافة إلى الدور التربوي للمدرسة وعلاقته بإنماء سلوك العنف ومحاولة تقديم تحليل سوسيولوجي لواقع العنف المدرسي في الجزائر من خلال التعرف على أهم مظاهره، العوامل المولدة له،أخطاره، نتائجه أثاره و تحليل عام لأسبابه ودوافعه. في حين تطرقنا في الفصل الثالث إلى مستشار التربية ودوره في الحد من ظاهرة العنف المدرسي،حيث تناولنا فيه ماهية الإستشارة التربوية، أهدافها، وحاولنا التعرف على علاقة مستشار التربية بالفاعلين التربويين (التلاميذ، الأساتذة، جمعية أولياء التلاميذ،المساعدين التربويين،طبيب الصحة المدرسية مستشار التوجيه المدرسي، المدير...)، وصولا إلى الإستشارة التربوية ودورها في الحد من العنف المدرسي مركزين في ذلك على أهم مظاهر العنف المدرسي التي تمس مؤسساتنا التربوية كمشكلة التخريب في المدارس، عدم التكيف الدراسي، العدوانية الصياح ، الفوضى والشغب. أما الجانب الميداني للدراسة فتضمن الفصل الرابع والذي تمحور حول الإطار المنهجي للدراسة من مجالات الدراسة : المجال الجغرافي، المجال الزمني والمجال البشري (عينة الدراسة)، منهجها، أدوات جمع البيانات. ويليه الفصل الخامس والذي تضمن تحليل البيانات وتفسيرها، من جداول ،أشكال والتحليلات وصولا إلى النتائج العامة للدراسة. وأنهينا الدراسة بخاتمة أتبعناها ببعض التوصيات التي وجدناها مناسبة للتخفيف ولو قليلا من حدة العنف المدرسي. واستخدمنا المنهج الوصفي نظرا لتماشيه وطبيعة موضوع الدراسة، وللإحاطة بجميع جوانب الدراسة تم إجراء المسح بالعينة حيث بلغت 150 تلميذ من تلاميذ متوسطة أحمد هادف بجمورة؛والمشهود لهم بممارسة العنف،ومن السنوات الأربع من المرحلة المتوسطة. باستخدام الاستمارة كأداة بحثية مركزية تم تدعيمها بمقابلات أجريت مع كل من مدير المؤسسة، مستشار التربية، بعض الأساتذة والمساعدين التربويين. وتوصلت الدراسة إلى نتيجة عامة مفادها أن لمستشار التربية دور جد فعال في الحد من ظاهرة العنف المدرسي ،وهذا من خلال متابعته اليومية للتلاميذ منذ دخولهم إلى المؤسسة حتى خروجهم منها ، كذلك نصحه وإرشاده الدائم لهم بضرورة الاجتهاد والتحلي بالأخلاق الحميدة،الانضباط والالتزام بالقانون الداخلي للمؤسسة. كذلك من خلال تواصله مع كل من الأساتذة ،أولياء الأمور،مساعدي التربيةومدير المؤسسة من أجل معرفة المشكلات التي يعاني منها التلاميذ ومحاولة التنسيق معهم من أجل إيجاد الحلول المناسبة والسريعة لها،وهذا بعد رصده وكشفه لمظاهر وأسباب هذه السلوكات العنيفة التي يقوم بها التلاميذ. وصفوة القول أن لمستشار التربية دور جد هام في الحد من ظاهرة العنف داخل المدرسة، وهذا ماأكدته لنا نسبة 91 % من إجابات المبحوثين. وختمنا الدراسة ببعض التوصيات التي وجدناها مناسبة للتخفيف ولو قليلا من حدة العنف المدرسي. - بينت الدراسة أن الظروف الأسرية أثرت كثيرا على نفسية التلاميذ ، إلى الحد الذي جعلهم يقومون باستهداف أساتذتهم وممتلكات المؤسسة التربوية، وهذا كرد فعل على الاحتقان الذي يعاني منه التلاميذ وعليه ندعو إلى ضرورة توعية الأولياء حول الأساليب المثلى للتعامل مع الأبناء وخصوصا في فترة المراهقة ومحاولة الإطلاع على احتياجاتهم النفسية والاجتماعية،و توظيف أخصائيين نفسانيين واجتماعيين داخل المؤسسات التربوية. - ضرورة تكثيف التعاون بين جميع أطراف العملية التربوية من جهة وبين المدرسة والأسرة من أجل الحد من ظاهرة العنف المدرسي. - ضرورة إتباع أساليب التنشئة الاجتماعية الصحيحة في المدرسة، وأن لا تقتصر مهمة المدرسة على أسلوب الزجر مع التلاميذ بل يجب أن تتفتح على التلاميذ والإستماع إلى انشغالاتهم، والتنويع بين الترغيب والترهيب والترغيب في التعامل معهم. - ضرورة تكثيف عمليات التحسيس عبر مختلف وسائل الإعلام، وخاصة على القنوات التلفزيونية ، عبر الانترنت....، حول أضرار ونتائج ممارسة العنف. - ضرورة مراقبة ومحاربة البرامج التلفزيونية التي تثير الرغبة في ممارسة بعض السلوكات غير الأخلاقية ، والحرص على منع مشاهدة المواقع الإباحية عبر الأنترنت . - ضرورة توفير المرافق الترفيهية والثقافية داخل المؤسسات التربوية للتعديل من سلوكيات التلاميذ. -إقامة دورات تدريبية دائمة ومستمرة ( لمستشاري التربية والتوجيه خاصة وللطاقم التربوي عامة) للإطلاع على تجارب الدول المتقدمة في المجال التربوي مع إقامة علاقات تبادلية الهدف منها توثيق العلاقات التربوية والإنسانية مع تلك الدول كذلك إقامة دورات تدريبية لدمج معرفة العاملين في الحقل الاجتماعي بالنظريات الحديثة والقوانين المختلفة