بحثت في القاموس عن معنى كلمة "نقابة" بكسر النون، و هو النطق الصحيح للكلمة في اللغة العربية، فوجدت : النِّقَابَةُ : جماعةٌ يُختارون لرعاية شئون طائفة من الطوائف و معناها أيضا قيام النقيب مقام من يمثلهم في رعاية شئونهم .
يبدو لي أن هذا التعريف اللغوي أغفل طابع الانسان الانتهازي والاناني ورغبته في السلطة و تحقيق مصالح شخصية لا تمت بصلة بأهداف الهيئة النقابية التي تمثل فئة العمال و الموظفين و نسي المثل الذي يقول : le malheur des uns fait le bonheur des autres .
من موقعي هذا، بعيدة عن ساحة النضال، أتابع أحداث ملحمة المصالح الاقتصادية التي ما تزال تراوح مكانها و أراها بوضوح أكثر و بحسرة كبيرة تثقل القلب من تتالي الخيبات و تراكم الانهزامات و تراجع للوراء و استهزاءات بآمال الزملاء في تحقيق كرامتهم بإصدار قرارات أقل ما نقول عنها أنها تافهة و مدعاة للسخرية، فأتساءل دائما عن السبب في هذا ، هل ينقصنا الذكاء؟ أم تنقصنا العزيمة؟ أم ربما هي اختياراتنا للأشخاص التي اصابتنا بمرض عضال لا أرى له دواء سوى البتر !!؟. أما الذكاء فمنّا رجالا ذوي مستوى علمي و ثقافي نحسد عليه " ليسانس ، ماستر ، و حتى دكتوراه " و آخرين لديهم من التجارب في النضال ما نعتبره كنزا لا يقدر بثمن، أما العزيمة فوقفات العاصمة و الولايات في البرد و الشتاء و الحر و الرياح و مطاردات فرق الشرطة و نقاط التفتيش في مداخل العاصمة بالإضافة لاعتقالات الزملاء و الزميلات، و اضراب الكرامة 2014 الذي أرعب الوزارة و هزّ عرشها لأكبر دليل على أن هذا السلك لا يقهر، فأين الخلل ؟ إنه يكمن في الأشخاص الممثلين، أجل هنا مربط الفرس و هنا الداء و هنا الدواء ، يترشحون و يقدمون ملفات انتماء و لا يلتزمون ، مكاتب ولائية مكونة من عدد من الأعضاء لا يحضر الاجتماعات إلا فئة قليلة، في التجمعات لا يقفون و في المواقف الحاسمة لا يظهرون. التمثيل لا يعني أن يكتب اسمك في محضر تأسيس أو تجديد مكتب نقابي، التمثيل النقابي ليس لقب يُلبس إنما هو التزام و وفاء و مواجهة، التمثيل لا يعني رئيس المكتب أو الأمين العام فقط أنه يعني كل الأعضاء دون استثناء.
أما المكتب الوطني ، فهو دائما يحمّل القاعدة عبء تنقلاته و حلّه و ترحاله و كأنها ضربته على يده ليترشح لتمثيلها وطنيا ، كثرة الشكوى و قلة الفعالية ، ينصاعون لرئيس النقابة انصياع المأمور حتى و إن كانت القرارات في غير صالح القاعدة التي يجب أن يشاورها و لا يتخذ قرارا إلا بموافقتها، و هذا هو ما يتناساه أعضاء المكتب الوطني " بتحفظ "، انقلبت الآية و أصبح الممثّل يقرر في مكان الممثَّل و أصبحت رعاية المصالح الخاصة و تحقيقها أولوية و هدف قريب المدى و نتج عن ذلك شرخ في السلك و عرفت الوزارة مكمن نقطة الضعف فينا و غرزت أظافرها تجتث أفئدتنا و تستبيح حقوقنا وفي النهاية نضال ضعيف و مجهض نظرا لضيق الأفق و عوض ان نضغط على الوزارة أصبحت تضغط علينا .
أعرف أنني سوف أُنتقذ و اعرف أني سوف أُنعت داعية الفتنة و التثبيط و حتى بالافتراء و لكن أنا على يقين أنها الحقيقة التي لن يتقبلها الكثير و خاصة من رأى نفسه فيما ذكرت ، و نصيحتي لزملاء في النضال من صدقوا النية في افتكاك الحقوق، من لم يعييهم عبور التراب الوطني من جنوبه لشماله و من شرقه لغربه ليلا و نهارا و لم يتحججوا يوما بأعبائهم الخاصة و انكروا ذاتهم في سبيل هذا السلك، أنظروا ما أنتم فاعلون ..مازال أمامكم فرصة يكفي أن تعزموا امركم إما أن تغيروا مساركم أو تغيروا لباسكم و إما أن تنبذوا من باع القضية بدراهم ذليلة المهم أن تزيحوا عنكم غبار الحقرة.